عهد إسماعيل
وفي 1863 تولى
إسماعيل باشا الحكم فبدأ بإصلاح أحوال البلاد الإدارية وحول الدواوين إلى نظارات
(وزارات). وأنشأ مجلس شورى النواب بالانتخاب. وأصلح التعليم فقسم المدارس إلى
ابتدائية وثانوية وعالية، وتكلفت الحكومة بنفقات التلاميذ وتوسعت في إنشاء
المدارس، وأنشأ مدرسة السنية للبنات ومدرسة دار العلوم (كلية دار العلوم)، ودار
الكتب، ودار الآثار (المتحف المصري) والجمعية الجغرافية، وأرسل البعثات التعليمية
إلى أوروبا وظهرت كثير من الصحف: الأهرام والوطن وروضة المدارس وغيرها.
الخديوي و اسماعيل و اسرته
واهتم إسماعيل
بالزراعة، شق الترع مثل الإبراهيمية في الصعيد والإسماعيلية في شرق الدلتا. فزادت
المساحة المنزرعة، وبنى تسعة عشر مصنعًا للسكر ومصانع للورق والمنسوجات، وأصلح
ميناءي السويس والإسكندرية وبنى 15 منارة في البحرين الأبيض والأحمر لإنعاش
التجارة وافتتحت في عهده قناة السويس في 17 نوفمبر 1869.
قصر عابدين
وأقام قصر
عابدين وقصر القبة بالقاهرة، وقصر رأس التين بالإسكندرية وأنشأ دار الأوبرا، وأقام
الجسور مثل كوبري قصر النيل، وزاد خطوط السكة الحديد وأضاء الشوارع بغاز الاستصباح
ومد أنابيب المياه في الشوارع.
دار الاوبرا المصرية
لكن الخديوي
إسماعيل كان مبذرًا وكثير النفقات خصوصًا ما أنفقه على التوسع في إفريقيا
واحتفالات فتح قناة السويس وغيرها من مشروعات التعمير الكثيرة مثل إكمال حفر قناة
السويس وشق الترع وبناء المدارس، إلخ، يضاف إلى هذا الرشاوي والهدايا التي دفعها
للسلطان العثماني لجعل وراثة العرش في أكبر أبنائه وللحصول على لقب الخديوي، كما
وأن فوائد القروض التي اقترضها كانت عالية ودفع تعويضات مجحفة لشركة قناة السويس –
كل هذا أدى إلى التوسع في الاستدانة فوقعت البلاد في أزمة مالية انتهت بالتدخل
الأجنبي في شئونها الداخلية.
الخديوي اسماعيل في حفل افتتاح قناة السويس
باع إسماعيل
أسهم مصر في شركة قناة السويس لإنجلترا سنة 1875، وقبل إنشاء صندوق الدين للإشراف
على تسديد الديون ووافق تحت ضغط الحكومتين الإنجليزية والفرنسية على المراقبة
الثنائية حيث تم تعيين مراقب إنجليزي على إيرادات الدولة وآخر فرنسي على
مصروفاتها. بل ووافق في 1878 على تشكيل لجنة تحقيق أوروبية لدراسة أحوال البلاد
المالية، ووافق على اللجنة، وتنازل عن سلطاته المطلقة لوزارة مسئولة. وأجبرته
إنجلترا وفرنسا على تعيين نوبار باشا رئيسًا لوزارة ضمت وزيرًا إنجليزيًّا للمالية
ووزيرًا فرنسيًّا للأشغال.
استاء الشعب
بجميع طوائفه من هذه الوزارة التي راحت تعمل لصالح الأجانب، فكلف إسماعيل شريف
باشا بتأليف وزارة مصرية خالصة تضع لائحة أساسية (دستورًا) يجعل الوزارة مسئولة
أمام مجلس شورى النواب. غضبت إنجلترا وفرنسا لخلو الوزارة من الأجانب واعترضتا على
مشروع اللائحة الأساسية، وسعتا لدى السلطان العثماني حتى أصدر فرمانًا بعزل
إسماعيل سنة 1879 وتعيين ابنه توفيق مكانه.
الخديوي توفيق
الخديوي توفيق
والثورة العرابية: لما تولى توفيق، شعر أن عليه الرضوخ لمطالب إنجلترا وفرنسا إذا
أراد الاحتفاظ بعرشه. فأعاد المراقبة الثنائية ورفض مشروع الدستور الذي وضعه شريف
باشا الذي استقال، وعطل مجلس شورى النواب وأسند الوزارة إلى رياض باشا المؤيد لحكم
الخديوي المطلق. فأصدر رياض قانون التصفية الذي خصص نصف إيرادات الدولة لسداد ديون الأجانب، وتأسست شركات
أجنبية، وحكمت البلاد بالشدة والعنف بوقف التدخل الأجنبي والحكم المطلق.
اجتمع الضباط
بقيادة أحمد عرابي وطلبوا من رئيس النظار عزل وزير الحربية عثمان رفقي الذي كان
متحيزًا للضباط الأتراك والشراكسة. فتم القبض عليهم، لكن أفراد الجيش أسرعوا إلى
نجدتهم وإطلاق سراحهم، وتوجه الجميع إلى قصر عابدين حيث قدموا مطالبهم إلى الخديوي،
فاستجاب لها وأقال عثمان رفقي وعين بدلاً منه محمود سامي البارودي، وبهذا برز أحمد
عرابي كزعيم وطني. فاتصل به كثير من الأعيان والعلماء معربين عن تأييدهم له،
وجاءته العرائض من أنحاء البلاد تفوضه العمل على تحقيق المطالب الوطنية. نظم عرابي
مظاهرة سلمية من جنوده تحفها الآلاف من سكان القاهرة، ذهبت إلى قصر عابدين وقدم
عرابي مطالب الشعب وهي: إقالة وزارة رياض، وتشكيل مجلس نواب، وزيادة عدد الجيش إلى
18 ألف رجل. واستجاب الخديوي وسقطت وزارة رياض، وكلف شريف باشا بتأليف الوزارة.
تشكلت الوزارة
في سبتمبر 1881 وأجرت الانتخابات النيابية، وأعد شريف دستورًا جديدًا لم يتضمن حق
مجلس النواب في مناقشة الميزانية فوقع الخلاف بين المجلس وشريف. تدخلت إنجلترا
وفرنسا وأعلنتا تأييدهما لحكومة الخديوي في مذكرة مشتركة بتاريخ 7 يناير 1882. قدم شريف استقالته.
وتألفت وزارة محمود سامي البارودي وفيها عرابي وزيرًا للحربية. وقدمت دستورًا يعطى
المجلس الحق في نظر الميزانية ووافق المجلس والخديوي. وراحت الوزارة تعمل على
إصلاح الجيش والنهوض بالبلاد.
احمد عرابي
الضباط الأتراك
والجراكسة تآمروا على قتل عرابي وقدموا للمحاكمة وأدينوا، طلب القنصل البريطاني من
الخديوي عدم التصديق على حكم الإدانة وأذعن، فعم الغضب أنحاء البلاد. هنا أرسلت
بريطانيا وفرنسا أسطولاً إلى الإسكندرية وأرسلتا مذكرة ثانية (25 مايو 1882)
تطلبان إسقاط الوزارة وإبعاد عرابي إلى خارج البلاد، ورضخ الخديوي لمطالبهما
فاستقال البارودي، فازداد التفاف الجيش والشعب حول عرابي، فأعاده الخديوي وزيرًا
للحربية. تعهد عرابي بإقرار الأمن والنظام في البلاد، وطلب سحب الأسطول البريطاني
والفرنسي من الإسكندرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق