الأحد، 6 مايو 2012

محمد علي وبناء مصر الحديثة






محمد علي وبناء الدولة الحديثة






   كان محمد علي من الضباط الذين جاءوا مع الحملة العثمانية لإخراج الفرنسيين من مصر حيث بقي وأصبح قائدًا للجند الألبانيين. منع جنده من الاشتراك في أعمال السلب والنهب التي كان يقوم بها الأتراك والمماليك، انحاز إلى صفوف المصريين الذين قرروا اختياره واليًا عليهم وجاء فرمان السلطان العثماني في 1805 بتثبيته واليًا على مصر.


   اضطرت إنجلترا – تحت ضغط فرنسا وتركيا – إلى سحب قواتها من مصر، لكنها أخذت معها محمد بك الألفي، الزعيم المملوكي لإعادة حكم المماليك. وأرسلت حملة «فريزر» للاستيلاء على الشواطئ المصرية ولمساعدة المماليك. فاستولت على الإسكندرية، لكن الأهالي في رشيد هزموا الإنجليز الذين طلبوا التفاوض مع محمد علي وانسحبوا سنة 1807.

الاسطول المصري في عهد محمد علي





   انفرد محمد علي بحكم مصر مستغلاً التنافس بين زعمائها الشعبيين، واسترضى الجنود الألبانيين بالمال وبعثرتهم في الموانئ والحاميات، وتخلص من المماليك في مذبحة القلعة. أقام حكومة مركزية قوية في القاهرة. وأنشأ جيشًا قويًّا وحديثًا وأسطولاً ضخمًا. ونهض بالتعليم حيث أنشأ المدارس العليا (الطب، الهندسة، الزراعة، الألسن) ثم أنشأ المدارس التجهيزية والابتدائية. وطبع أول صحيفة رسمية هي «الوقائع المصرية» عمل على زيادة الرقعة المنزرعة بحفر الترع وبناء القناطر (ومنها القناطر الخيرية) وأدخل محاصيل جديدة (القطن وقصب السكر). أقام المصانع وأمن الطرق.



محمد على في احدى المعارك





   علاقة محمد علي مع الدولة العثمانية: كانت علاقة ود في البداية حيث ساعد محمد علي السلطان العثماني في القضاء على الحركة الوهابية في نجد. وسعى محمد علي للسيطرة على منابع النيل، وساعد السلطان في حرب المورة (اليونان) حيث انتصرت القوات المصرية فتدخلت إنجلترا وروسيا وفرنسا وأغرقت الأسطول المصري في معركة «نوارين البحرية» فاتفق محمد علي مع الدول الأوربية على الانسحاب من اليونان ومن غير أن يستأذن السلطان فغضب عليه، ورفض أن يمنحه ولاية عكا تعويضًا عن خسائره في حرب المورة – وهكذا نشبت حروب الشام بين الاثنين.


   وفي حرب الشام الأولى استولت القوات المصرية على يافا ثم حيفا وسقطت عكا في يدها، وعرض محمد علي وقف القتال على أن يوليه السلطان ولاية مصر ورفض السلطان فاستأنفت القوات المصرية تقدمها واستولى على دمشق وحمص وحلب، ثم سرت إلى آسيا الصغرى حيث استولت على أطنة. وهنا ضغطت إنجلترا وفرنسا وعقد صلح كوتاهية عام 1833 مُنح محمد علي بمقتضاه حكم سورية وابنه إبراهيم حكم أطنة.




مذبحة القلعة



   اعتبر السلطان هذا الصلح مجرد هدنة مسلحة، ووقفت معه روسيا وإنجلترا خوفًا من أن يقيم محمد علي دولة قوية تهدد أطماع روسيا في المضايق التركية. ومواصلات إنجلترا إلى الهند، لكن لما نشب القتال بين السلطان ومحمد علي انهزمت الجيوش العثمانية وبات الطريق مفتوحًا أمام القوات المصرية إلى القسطنطينية، عاصمة تركيا، فتدخلت أوروبا وعقدت مؤتمر لندن 1840 وقررت أن يكون لمحمد علي حكم مصر وراثيًّا وعكا طوال حياته. ولما رفض تدخلت إنجلترا وحلفاؤها في الحرب وهزمت القوات المصرية في الشام وحاصرت السواحل المصرية حتى اضطر محمد علي إلى قبول شروط الحلفاء وهي: إعادة الشام وبلاد العرب إلى السلطان العثماني وتثبيته في حكم مصر وصدر فرمان يونيو 1841 بتثبيت محمد علي في حكم مصر هو وأبناؤه من بعده، فتتمتع مصر بالاستقلال الذاتي مع تبعيتها الاسمية للسلطان العثماني، وتدفع جزية سنوية لتركيا ولا يزيد جيشها على 18 ألف رجل، ثم صدر فرمان آخر بولايته على السودان، وراح يحسن علاقاته بالدول الأوروبية وبالسلطان العثماني.


   تولى حكم مصر بعد محمد علي ابنه إبراهيم باشا الذي لم يتجاوز حكمه عدة أشهر وتوفي عام 1848. وتولى بعده عباس باشا (1848 – 1854)، ثم سعيد باشا (1854 – 1863)، ولم تتقدم مصر في عهدهما إلا قليلاً.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق