الجمعة، 18 مايو 2012

الاحتلال الإنجليزي لمصر






الاحتلال الإنجليزي لمصر












   ازداد التوتر بين المصريين والأجانب ووقعت مذبحة في الإسكندرية راح ضحيتها كثير من المصريين والأجانب، دعت إنجلترا وفرنسا إلى عقد مؤتمر بالأستانة، عاصمة تركيا في يونيو 1882، للنظر في الأوضاع داخل مصر، وتعهدت بعدم التدخل في مصر إلا للضرورة القصوى، كان عرابي يقوم بتحصين قلاع الإسكندرية، فأرسل قائد الأسطول البريطاني في 10 يوليو إنذارًا إلى الحكومة المصرية بتسليم قلاع المدينة ورفضت الحكومة الإنذار، فأطلق نيران مدافعه على  المدينة وقاوم الجنود المصريين ومن ورائهم الأهالي، لكنهم انسحبوا أمام الضغط الإنجليزي وتحصنوا في كفر الدوار حيث هزموا الإنجليز وردوهم على أعقابهم إلى الإسكندرية. فلجأ الإنجليز إلى الهجوم من جهة الشرق ودخلت سفنهم قناة السويس إلى الإسماعيلية. أسرع عرابي إلى التل الكبير يحصنها لمنع تقدم الإنجليز، لكن السلطان العثماني أعلن عصيان عرابي، ودعا أنصار الخديوي الضباط إلى التخلي عن عرابي مما أضعف الروح المعنوية للمقاتلين. كما سهل بعض الخونة الطرق أمام الإنجليز ليصلوا إلى القاهرة ويحتلوها في 14 سبتمبر 1882. وحوكم عرابي وزملاؤه وحكم عليهم بالنفي إلى خارج البلاد ومصادرة أملاكهم وبدأ عهد الاحتلال الإنجليزي لمصر.





الخديوي عباس حلمي







   توفي توفيق عام 1892، وخلفه أخوه عباس حلمى الثاني (1874– 1944) دشن سد أسوان، ورد السودان إلى مصر.
   لكن الإنجليز أنقصوا عدد أفراد الجيش المصري وعينوا قائدًا إنجليزيًّا. وسيطر المعتمد البريطاني على حكم البلاد وإدارتها، وفرض سياسة اقتصادية تخدم مصالح الإنجليز، وألغى النظام الدستوري، وأهمل التعليم.


                       

                          الزعيم مصطفى كامل






   قاوم المصريون الاحتلال، وأذكت الصحف روح المقاومة، وشجع عليها قيام الثورات والحركات القومية في أوروبا، أشعل مصطفى كامل بخطبه ومقالاته الحماسية روح الوطنية، أنشأ الحزب الوطني لتوحيد الأمة. استغل حادثة دنشواي (صيف 1906) التي أعدم فيها الإنجليز وسجنوا عددًا من المصريين استغلها للتشهير بفظائع الاحتلال حتى  اضطر المعتمد البريطاني إلى الاستقالة 1907 وصدر العفو عن مسجوني دنشواي 1908، دعا إلى إنشاء الجامعة المصرية، وأقبلت الأمة على الاكتتاب فيها وأنشئت سنة 1908 (جامعة القاهرة الآن).


الزعيم محمد فريد









   مات مصطفى كامل 1908 وخلفه في رئاسة الحزب الوطني محمد فريد الذي طالب بسلطات واسعة للمجلس النيابي وبإنشاء نقابات للعمال وبأن يكون التعليم إلزاميًّا ومجانيًّا في المرحلة الابتدائية، وقاوم مشروع المستعمر البريطاني مد امتياز شركة قناة السويس أربعين سنة بعد انتهائه. ونجح محمد فريد ورفض المشروع.



الحرب العالمية الاولى






   اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914، وكانت تركيا ضد إنجلترا ففرضت الأخيرة حمايتها على مصر وقطعت كل صلة تربطها بتركيا، وخلعت الخديوي عباس حلمي الثاني وعينت بدلاً منه عمه حسين كامل عام 1914 ومنحته لقب السلطان. وأعلنت الأحكام العرفية، وألقت القبض على الوطنيين، وأوقفت جلسات الجمعية التشريعية، وجندت أكثر من مليون ونصف مصري في ساحات القتال، واستولت على المحاصيل الزراعية والدواب لإمداد قواتها المحاربة، وفي عام 1917 مات السلطان حسين كامل وتولى أخوه السلطان أحمد فؤاد.



الزعيم سعد زغلول








   لم تكد الحرب العالمية الأولى تنتهي في عام 1918 حتى قام الزعماء المصريون وفي مقدمتهم سعد زغلول يطالبون بحق مصر في الاستقلال، غير أن إنجلترا لم تستجب لمطالبهم، مما أدى إلى اشتعال ثورة 1919 التي اشترك فيها المصريون بجميع طوائفهم مسلمين ومسيحيين، رجالاً ونساء.




ثورة 1919







 وبدأت الثورة في القاهرة وامتدت إلى سائر أنحاء البلاد، اقتلعت السكك الحديدية وقطعت أسلاك البرق والهاتف وأضرب الطلبة كما أضرب موظفو الحكومة واشتعلت النيران في بعض المباني وقاطع المصريون البضائع والبنوك والسفن الإنجليزية مقاطعة تامة مما أربك الإنجليز وأجبرهم على إصدار تصريح 28 فبراير 1922 الذي أعلن إلغاء الحماية البريطانية والاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، لكن التصريح احتفظ لبريطانيا بتأمين مواصلاتها في مصر، وبالدفاع عن مصر ضد أي اعتداء، وبحماية المصالح الأجنبية، وبالنسبة للسودان تستمر أوضاعه على ما كانت عليه.



الملك فؤاد





   قبلت حكومة عبد الخالق ثروت هذا التصريح الذي مهد السبيل لقيام حكم دستوري، وفي 15 مارس 1923 لقب السلطان فؤاد بالملك فؤاد الأول، وشكلت الحكومة لجنة لوضع الدستور، وأخذ المصريون يحلون محل الأجانب في المناصب، وألغيت وظائف المستشارين الإنجليز في أغلب الوزارات، وأعيدت وزارة الخارجية المصرية لتصريف شئون مصر الخارجية، أفرج عن سعد زغلول ورفاقه.


مصطفى النحاس




   وصدر دستور 1923 (في شهر أبريل) وأجريت الانتخابات البرلمانية وفاز فيها سعد زغلول وشكل أول حكومة برلمانية في تاريخ مصر (يناير 1924). وتوالت الوزارات في مصر، وكان القصر والإنجليز يعملان على تعطيل الحياة البرلمانية والتلاعب بالدستور، ومات سعد في 1927 وخلفه مصطفى النحاس في رئاسة حزب الوفد.





   وفي عام 1930 شكل إسماعيل صدقي وزارة جديدة فألغى دستور 1923، وأحل محله دستور 1930 وفيه زاد نفوذ الملك وقلصت سلطة البرلمان، وعارض الشعب هذا الدستور واضطر الملك فؤاد الأول إلى إلغائه وإعادة دستور 1923 في عهد وزارة توفيق نسيم باشا سنة 1935.


الملك فاروق




   توالت المفاوضات مع إنجلترا بدون نتيجة بسبب إصرار الإنجليز على البقاء في مصر والسودان معتمدين على تصارع الأحزاب في مصر على الحكم. ولما التهب الموقف الدولي عام 1936، سارع الإنجليز إلى إجراء المفاوضات مع مصر برئاسة مصطفى النحاس وانتهت بتوقيع معاهدة 1936 بينهما على إنهاء احتلال مصر عسكريًّا وقصر وجود القوات البريطانية على منطقة قناة السويس للدفاع عنها. وتضع مصر موانيها وطرقها ومطاراتها تحت تصرف إنجلترا في حالة الحرب وتبنى الثكنات اللازمة للقوات البريطانية في منطقة القناة وتعاون إنجلترا مصر في الانضمام إلى عصبة الأمم.


معركة العلمين بين بريطانيا بقيادة مونتجمري و المانيا بقيادة روميل







   وعندما قامت الحرب العالمية الثانية عام 1939، أعلنت الأحكام العرفية وقطعت مصر علاقاتها مع ألمانيا وحليفاتها، وتعرضت مصر لهجوم القوات الألمانية من ناحية الغرب حتى وصلت «العلمين»، وتدخلت إنجلترا في شئون مصر الداخلية.
   انتهت الحرب بانتصار إنجلترا واستأنفت مصر مطالبتها بخروج القوات الإنجليزية من منطقة القناة، لكن الإنجليز تشبثوا بالبقاء فيها، فقام مصطفى النحاس رئيس الحكومة المصرية بإلغاء معاهدة 1936 في أكتوبر 1951، ولقي هذا حماسًا شعبيًّا كبيرًا، وقام الفدائيون المصريون بمهاجمة الإنجليز في منطقة القناة وسقط منهم الشهداء، وضرب الإنجليز محافظة الإسماعيلية في 25 يناير 1952 واستشهد 50 من رجال الشرطة.


حريق القاهرة






   قامت المظاهرات العنيفة ووقع حريق القاهرة في 26 يناير وأقال الملك وزارة النحاس. وتوالت على البلاد حكومات عديدة إلى أن قامت الثورة في 23 يوليو 1952 بقيادة اللواء محمد نجيب. أرغمت الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه وعلى مغادرة مصر في 26 يوليو، وفي سبتمبر حددت الملكية الزراعية بمائتي فدان، وفي يناير 1953 ألغت دستور 1923 وحلت الأحزاب السياسية. وفي 18 يونيو 1953 تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية وتولى اللواء نجيب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزارة. وفي أزمة مارس 1954 تخلى عن رئاسة الوزارة لصالح جمال عبد الناصر.



ثورة 1952



   وكان مجلس قيادة الثورة قد نقل في فبراير 1953 كل السلطات إليه هو ومجلس الوزراء لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وفي 29 أكتوبر 1954 تم التوقيع على اتفاق جلاء القوات البريطانية عن قناة السويس على أن يكون لها حق العودة إلى مصر في حالة وقوع أي اعتداء خارجي على الدول العربية أو تركيا، أثار الاتفاق احتجاج مختلف التيارات السياسية وعلى رأسها جماعة «الإخوان المسلمين» فألقي القبض على قادتها. وفي نوفمبر أقصي نجيب عن رئاسة الجمهورية بعد اتهامه بالتعامل مع الإخوان المسلمين، وحل محله عبد الناصر. وفي ديسمبر أعدم 6 من أقطاب الإخوان وسجن المئات.




حسن البنا






   في 26 يوليو 1956 أمم عبد الناصر الشركة العالمية لقناة السويس. وترتب على ذلك وقوع العدوان الثلاثي (البريطاني الفرنسي الإسرائيلي) على مصر، وما تبع ذلك من تداعيات أدت إلى حرب 5 يونيو 1967 وما تلاها من حرب رمضان المجيدة (6 أكتوبر 1973).




جلاء الانجليز عن مصر




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق